رهانات التكوين المستمر: الكفاءة في خدمة التجديد والجودة
إنّ العناية بتكوين المدرسين وإطار التسيير بالمؤسسات التربوية ضرورة حتمية لانجاح الإصلاح التربوي الجديد والذي يهدف أساســا إلى تحسيــن مردود التعليم وجودته بتغيير متواصل في أهدافه ومضامينه وطرقه وبتطوير كفايات المدرس المهنية وتطعيمها بكفايات أخرى تنحو به نحو مزيد من الاحتراف في عمله. ولتحقيق ذلك فمن الضروري العمل على تحقيق المبادئ التالية:
1- التكوين ثقافة:
إن التغيرات المتسارعة التي يعيشها مجتمع المعرفة اليوم وما أفرزته من مفاهيم جديدة في كل المجالات ومن بينها مجال التربية تتطلب من الجميع التعامل معها بعقلية جديدة قائمة أساسا على أن التعليم لم يعد مرتبطا بمرحلة أو فترة زمنية معيّنة أو بمكتسبات ثابتة وإنما أصبح ضرورة ترافق الإنسان طول حياته: "التعليم مدى الحياة".
هذا التطور الجديد يتطلب من المدرس تعديل مفهومه للتكوين حتى يواكبه فيتعامل معه على أنه ضرورة متأكدة بل وثقافة يلتزم باكتسابها وتعهدها باستمرار مما يساهم في رفع أدائه المهني وبالتالي يتدعم مردود المدرسة وتزداد نجاعتها.
2- التكوين واجب فردي:
لقد منح الإصلاح التربوي الجديد المدرس استقلالية أكبر من ذي قبل لكي يلعب دورا أكثر فعالية في المنظومة التربوية وذلك من خلال حثه على العمل بمنهجية المشروع ومن خلال المرونة التي أدخلها على البرامج.
وحتى يواكب المدرس هذا التطور وكذلك ما يستجد في عالم التربية أصبح لزاما عليه أن ينظر إلى التكوين على أنه واجب فردي يمكنه من تطوير مهاراته و دعم كفاياته . إن تشبع المدرس بهذا التصور الجديد للتكوين يجعله أكثر حرصا على التكوّن استجابة لحاجياته المهنية ووفق طلباته مما يجعلنا نرتقي به الى مرحلة يكون فيها المسؤول الأول عن تكوينه.
3- التكوين واجب جماعي:
إنّ التكوين المستمر –في خضم هذه التحولات- لا يمكن أن نعتبره واجبا فرديا فحسب بل إن ضرورة عمل المؤسسة التربوية في شكل فريق متكامل تحتم علينا اعتباره مسؤولية جماعية أيضا.
فمن خلال مشروع المدرسة في مجال التكوين المستمر مثلا يتم تحديد حاجيات التكوين الفردية وكذلك الحاجيات الجماعية للفريق التربوي في مجال أو مجالات معينة بهدف تحسين أداء المدرسة. وبالتعاون مع المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر بالجهة تترجم تلك الحاجيات الى برامج تكوين لفائدة الفريق التربوي تكسبه الكفايات اللازمة لتحقيق أهدافه. وبفضل اشتغال المدرسة بهذا الأسلوب تصبح مؤسسة تكوين وتكوّن.
إن تحقيق هذه المبادئ في المنظومة التكوينية يصقل كفاءة المدرس ويجعله يُقدّم تعليما فعالا وجيدا مما يساهم حتما في تطوير دور المدرسة في المجتمع ويرفع من أدائها ومردوديتها.
منقول